
د. آمال جبور
أعاد رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مؤخراً احياء خطاب “اسرائيل الكبرى” وهو شعار ذو حمولة سياسية وايدولوجية، يكشف عن طموح توسعي يتجاوز حدود الصراع التقليدي مع الفلسطينيين. تصريحات نتنياهو ليست عابرة، بل محسوبة، تهدف في احدى أبعادها اختبار جدية الأطراف العربية في التعامل مع المشروع، وقياس ردود الفعل الإقليمية والدولية تجاهه. داخلياً، يوظّف نتنياهو هذا الخطاب لتعزيز موقعه أمام اليمين الاسرائيلي، في ظل أزمات سياسية وانقسامات متلاحقة. أما خارجياً فهو يسعى إلى إختبار الموقف العربي، خصوصا في لحظة تشهد بالفعل مستوى ملحوظاً من التنسيق بين الاردن ومصر والسعودية وأخرى. لكن نتنياهو يدرك أيضا أن الخطابات والبيانات العربية السابقة لم تفضِ إلى أي تغيير فعلي.في هذا السياق، يظهر الاردن كدولة معنية بشكل مباشر، فالجغرافيا والتاريخ يضعان عمان في قلب أي نقاش حول مستقبل الضفة الغربية والقدس والقضية الفلسطينية بشكل عام، ومن هذا المنطلق لا يتعامل الاردن مع تصريحات نتنياهو باعتبارها حدثا اعلاميا عابرا، بل كخطاب له انعكاسات امنية وسياسية تمس استقراره الوطني وهوية المنطقة، خاصة حين يعاد التلويح بمفاهيم ومشاريع توسعية، بالتالي يطل الاردن في الصورة لا كمجرد جار لفلسطين المحتلة، بل “كمؤشر” يقرأ منه نتنياهو مدى جدية الموقف العربي.لكن لنتكلم بواقعية: الحقيقة ان اسرائيل لم تعد تخشى التصريحات العربية، لانها جربت سابقا انها نادرا ما تتحول الى خطوات فعلية. لذلك، فان كلام نتنياهو عن “اسرائيل الكبرى” هو في الاساس اختبار: ان كان الرد العربي ضعيفا سيزيد من سقف تصريحاته نحو اهدافه، وان كان الرد قويا ومنسقا بين الأطراف كافة، قد تلجم اهدافه التوسعية.تعكس الاستجابة الاردنية الرسمية خلال الايام القليلة الماضية تجاه تصريحات نتنياهو وعيا بالواقع السياسي وتعقيدات الملفات الإقليمية الإقليم، عمان لم تنجر وراء ردود فعل انفعالية عكستها اطراف داخلية، لكنها في الوقت ذاته تدرك خطورة الخطاب التوسعي، تحرك الاردن على مستويات متعددة يعكس هذا التوازن، من تعزيز التنسيق العربي لتقليل فرص استفراد اسرائيل بكل طرف، و دعم الجهود الفلسطينية للحفاظ على وحدة الصف كشرط اساسي لرفض اي محاولات لفرض واقع جديد، إلى مواصلة العمل مع الشركاء الدوليين خصوصا في اوروبا لترسيخ حل الدولتين كخيار وحيد يحظى بشرعية دولية.
كاتبة وصحفية أردنية