البيان الختامي للمؤتمر  الثامن والثلاثين للسيرة النبوية المشرفة

جمعة, 2025-09-05 16:09

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن والاه

تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية وبإشرافه، عقد التجمع الثقافي الإسلامي  بمدينة نواكشوط يومي 10-11  ربيع الأول 1447هـ/  03-04 سبتمبر 2025غ المؤتمر الدولي للسيرة النبوية في نسخته الثامنة والثلاثين، نسخة الذكرى العظيمة: 1500 عام من التقلب في ظلال النبوة، منذ مولده عليه الصلاة والسلام.

وقد تداعت إلى المؤتمر وفود من أكثر من ثلاثين دولة  عربية وإسلامية إضافة لممثلين عن  الجاليات الإسلامية في الدول الأخرى. وهذه لائحة الدول المشاركة (بالترتيب الألفبائي): إسبانيا؛ ـ الإمارات العربية المتحدة ـ؛ بريطانيا؛ـ بوركينا فاسو، تركيا؛ تونس؛ تشاد؛ الجزائر؛ جزر الرأس الأخضر؛ ساحل العاج؛ـ السعودية؛ السنغال؛ السودان؛ـ سوريا؛ سيراليون؛ العراق؛ـ غينيا؛ غينيا بيساو؛ سلطنة عمان؛ فلسطين؛ الكامرون؛ لبنان؛ ليبيا؛ مالي؛ مصر؛ المغرب؛ـ النيجر ، نيجيريا ؛ الولايات المتحدة الأمريكية ـ

وكان من بين المشاركين عدد كبير من العلماء والمرجعيات الدينية والشخصيات السامية بينهم عدة وزراء أو أصحاب رتب وزارية، وعدد من قادة وممثلي الهيئات الإسلامية الفاعلة.

وقد أشرف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد بن الشيخ الغزواني على افتتاح المؤتمر، وألقى كلمة افتتاح قال فيها على الخصوص:

"يسعدني وذكرى المولد النبوي الشريف على الأبواب أن أتوجه بصادق الترحيب وخالص الشكر إلى كل هؤلاء العلماء والمشايخ أصحاب الفضيلة والسماحة الذين ما بعدت عليهم الشقّة ولا عاقهم ما تعج به الحياة من مشاغل وإكراهات متنوعة عن مشاركتنا اليوم الاحتفاء بسيرة صفوة الخلق ونور الهدى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فالاحتفاء بسيرته العطرة ترسيخ للإيمان وتمثّل لمعاني رسالته السمحة في نقاء قيمها السامية.

وهنأ فخامة الرئيس التجمع الثقافي الإسلامي "على جهوده المتواصلة في العناية بالسيرة النبوية، وبنشر قيم الاعتدال والتسامح والتآخي، وتعزيز دور العلماء والمصلحين، كما أكد ذلك بقوة (إعلان نواكشوط) المتوج لأعمال النسخة السادسة والثلاثين من هذا المؤتمر".

وقال فخامته: "إن هذه النسخة ال38 لتصدر عن ذات النفَس والتوجه"، مشيرا إلى الاهتمام بالأمن الروحي من خلال السيرة النبوية وأثره في السلم على مستوى الأمة وفي البشرية جمعاء.

وقد تحدث خلال الجلسة الافتتاحية أيضا كل من معالي الوزير الشيخ محمد المامون القاسمي الحسني عميد الجامع الأعظم بالجزائر متحدثا باسم المشايخ والأئمة، ومعالي الشيخ علي بن صلاح حموده وزير إعادة التأسيس والثقافة وتعزيز القيم الاجتماعية بدولة النيجر، متحدثا باسم وفود الغرب الإسلامي، ومعالي وزير الأوقاف السوري الدكتور سامح أبو شكري، متحدثا باسم وفود الشرق الإسلامي، وصاحب السماحة الشيخ سعيد الكملي من أعلام المملكة المغربية، متحدثا باسم العلماء، ومعالي الشيخ محمد الحافظ النحوي رئيس التجمع الثقافي الإسلامي

تناول المؤتمر قضايا الأمن الروحي وحل النزاعات والخلافات من خلال السيرة النبوية، ودارت أعماله في عدة جلسات، منها جلسة علمية وزارية افتتحها معالي وزير الشؤون الإسلامية والتعليم الأصلي الدكتور سيدي يحي بن شيخنا بن لمرابط ونسق أعمالها صاحب الفضيلة الشيخ بن صالح الأمين العام لهيئة علماء موريتانيا، وحاضر فيها عدد من الشخصيات الوافدة، كما خصصت جلسة أخرى حملت اسم منبر القدس للتضامن مع فلسطين وللتنديد بجريمة الإبادة الجماعية ضد الأشقاء في غزة وللتضامن مع كافة البلدان الإسلامية المستهدفة من قبل العدو الصهيوني، واختتم المؤتمر بأمسية مديحية نظمت بالتعاون مع عمد بلديات نواكشوط في ملعب لكصر البلدي ومركز الأقصى..

وقد سجل المشاركون، بألم كبير مرور 700 يوم من الحصار والتجويع والتعطيش والتشريد والتقتيل وكل أصناف العدوان الشرس على أهلنا في غزة في حملة إبادة جماعية غير مسبوقة تتوج في بشاعتها وطول أمدها سلسلة من حلقات العدوان راح ضحيتها عشرات آلاف الشهداء والمفقودين والمصابين، معظمهم من النساء والولدان. وقد اتسعت خريطة هذا العدوان، تحت سمع العالم وبصره، لتشمل بلادا إسلامية أخرى منها لبنان وسوريا واليمن وإيران.

ولاحظ المشاركون بأسف أن من أسباب هذا الواقع الأليم الضمور البين في تمثل سيرة النبي الأكرم نبي الرحمة سيدنا محمد صلى اللـه عليه وعلى آله وصحبه وسلم. كما لاحظوا أن ما تعانيه الأمة من وهن وضعف لا يعود إلى قوة الأعداء فقط وإنما يعود في المقام الأول إلى غياب التضامن بين بلدان الأمة، وعدم تفعيل عناصر القوة لدى الأمة. وبذلك صار ضعف الأمة ووهنها قوة لأعدائها. ولا بد من العودة إلى منهج النبوة لاستعادة عوامل المنعة والقوة، وتشكل هذه الذكرى العظيمة مناسبة لتجديد الإيمان والاستمداد من نور النبوة لتضميد الجراح ورص الصفوف، مناسبة نحوّل بها  سيرة المصطفى صلى اللـه عليه وسلم من مجالس استذكار، إلى مدارس استبصار، ومن نصرٍ بالقول، إلى نصرٍ بالقيم والعمل الذي يبدأ بإصلاح النفس وينتهي بإصلاح المجتمع والإنسانية جمعاء."

وإذ يستلهم المشاركون من الذكرى استحضار وظائف النبوة المتمثلة في التلاوة والتعليم والتزكية؛ وإذ يستذكرون ما يوفره الإسلام للبشرية من فرص لتجاوز العصبيات الضيقة والاجتماع على القيم المشتركة؛ وإذ يشيدون بكل المبادرات التي أطلقت من أجل التعريف بالسيرة النبوية ومن بينها معرض ومتحف السيرة النبوية الذى أقامته رابطة العالم الإسلامي؛ فإنهم يوصون بما يلي:

1. دعوة العلماء والأئمة والمشايخ والدعاة إلى تحمل مسؤوليتهم واستخدام ما يملكون من قوة ناعمة لنصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، ولإطفاء الحرائق المشتعلة وتضميد الجراح النازفة من جسد الأمة، ونزع فتيل الفتن النائمة ولم الشمل ورص الصف بما يعين على نصرة المظلومين المضطهدين، وتعزيز مناعة الأمة، وصون كرامتها وتمكينها من النهوض من كبوتها، واستعادة مكانتها في قيادة البشرية والسير بها على هدى مستقيم.

2. دعوة الدول والجهات الحكومية والمجتمعية في العالم الإسلامي إلى جعل عام  الذكرى، عام 1500 على مولد الرحمة المهداة للعالمين منطلقا لحملة شاملة من أجل الاستلهام من السيرة النبوية لحل مشكلات الأمة.

3. العمل على نشر فِقْهِ إدارة الاختلاف والتنوع وفض الْمُنَازَعَاتِ، بحيث يكون بإمكاننا تحويل أوجه الاختلاف مِنْ عَنَاصِرِ ضَعْفٍ إِلَى عوامل تَقْوِيَةٍ، تُعَزِّزُ وَحْدَةَ الْأُمَّةِ وَتحْقِنُ دِمَاءَهَا وَتحْفَظُ كَرَامَتَهَا.

4. دعوة أولي الأمر في موريتانيا وبلدان الأمة إلى العمل على مراجعة مناهج التعليم العام والجامعي والمتخصص لتنقيتها من كل ما لا يليق بحرمة الجناب النبوي المنيف، ومن كل ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الفرقة والتناحر بين أبناء الأمة؛

5. دعوة رابطة العالم الإسلامي وكل الهيئات المهتمة إلى تعميم معارض ومتاحف السيرة النبوية للتعريف بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، على النحو الذي يمكن من غرس محبته في القلوب، ودحض الشبهات التي يثيرها المغرضون؛

6. دعوة أولى الأمر في البلدان الإسلامية إلى وضع منهاج للتربية الأخلاقية قوامه التعريف بالأخلاق المحمدية والعمل على غراستها في نفوس الناشئة لتحصينهم من عوامل الانحراف والانجراف في عالم تعصف به المتغيرات، وتهيمن فيه المادة، وتعاني فيه القيم الإنسانية المشتركة من ضمور كبير.

وإن المشاركين إذ يتوجهون إلى فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد بن الشيخ الغزواني، ، بالشكر المستحق لرعايته لهذا المؤتمر، وعنايته بالسيرة النبوية، وإذ يقدرون مكانته وحكمته ومكانة علماء بلاد شنقيط وتأثيرهم المشهود، فإنهم يتطلعون إلى أن تطلق موريتانيا مبادرة تأسيس مركز جامعي للسيرة النبوية وسبل تفعيلها في الحياة العامة المعاصرة، كما يعربون عن  أملهم في استثمار الإنجاز التراكمي لهذا المؤتمر بعد بلوغه الأشد، من أجل توسيع خريطته محليا لتستفيد منه جميع ولايات البلاد، وخارجيا لتستفيد منه بشكل أوسع القارة الإفريقية والقارات الأخرى.

ويعرب المشاركون عن أملهم في أن تنبثق عن هذا المؤتمر، وبرعاية سامية من فخامة الرئيس محمد بن الشيخ الغزواني وبالاستفادة من مكانة التجمع الثقافي الإسلامي وطنيا وعالميا لجنة حكماء تعنى بفض النزاعات باستخدام ما يتمتع به علماء الأمة وحكماؤها من قوة ناعمة يمكن استثمارها لإطفاء الفتن وتعزيز وحدة الأمة

هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل.

حرر في نواكشوط بتاريخ 11 ربيع الأول1447 هـ/ 04 سبتمبر 2025.

المشاركون في المؤتمر