
فخامة الرئيس،
إننا نحن الأعضاء المؤسسين لمنتدى 24-29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي، الداعمين لمساركم الإصلاحي، والساعين بجدية لتنفيذ برنامجكم الانتخابي "طموحي للوطن"، لا سيما في جوانبه المتعلقة بمحاربة الفساد، وتمكين الشباب، وإصلاح الإدارة، نتوجه إليكم بهذه الرسالة المفتوحة لنؤكد مجددا دعمنا الكامل لجهودكم في الإصلاح، وخاصة ما يتعلق منها بمحاربة الفساد.
فخامة الرئيس،لقد ورد في رسالة إعلان ترشحكم لمأمورية ثانية، المنشورة يوم الأربعاء 24 إبريل 2024، تعهدٌ واضح وصريح بمحاربة الفساد، حيث قلتم: "سنضرب بيد من حديد، ونواجه بكل قوة وصرامة كافة مسلكيات وممارسات الفساد والرشوة والتعدي على المال العام."كما افتتحتم حملتكم الانتخابية في يوم 14 يونيو 2024 بجملة لا تزال تتردد في آذان كل داعم مخلص: "لن يكون هناك مكان بيننا لمن يُصرُّ على مد يده للمال العام، كائنًا من كان، ولن يُراعى في ذلك أي اعتبار." وقد تكرر هذا الالتزام القوي بمحاربة الفساد في كل ولاية زرتموها خلال الحملة، مما جعله أبرز تعهد في برنامجكم الانتخابي.
ثم جددتم التأكيد عليه في خطاب التنصيب بتاريخ 01 أغسطس 2025، بعد أن حُسمت الانتخابات، ولم تعودوا بحاجة إلى أصوات الناخبين، وهو ما يحمل دلالة قوية على صدق عزمكم في محاربة الفساد، وقد قلتم في خطاب التنصيب: "الحرب على الفساد والرشوة وسوء التسيير حرب الجميع: حرب المنظومات الإدارية والقضائية، حرب أجهزة الرقابة والتفتيش، حرب النخبة من مثقفين وقادة رأي ومجتمع مدني وصحافة ومؤثرين اجتماعيين، ولا سبيل للنصر في هذه الحرب بنحو حاسم، إلا بتضافر جهود الجميع."
فخامة الرئيس،لقد شهدنا مؤخرا أداء رئيس السلطة الوطنية لمحاربة الفساد للقسم، وهي الهيئة التي استحدثتموها في إطار جهودكم لمحاربة الفساد، كما تابعنا بعد ذلك تسلمكم لتقرير محكمة الحسابات الذي نُشر للرأي العام، وكشف عن تجاوزات خطيرة في قطاعات حيوية.
إن صدور هذا التقرير ونشره للرأي العام يمثل، في نظرنا، خطوة أولى يجب أن تتبعها إجراءات صارمة ضد كل من ثبت تورطه في تلك التجاوزات.
ونحن، بمناسبة صدور هذا التقرير، وفي انتظار ما سيترتب عليه، ندعو كافة الداعمين المخلصين لمساركم الإصلاحي إلى الوقوف معكم في حربكم المعلنة على الفساد، ومساندتكم في كل إجراء يُتخذ ضد المتورطين في ملفات الفساد التي كشفها التقرير الأخير.
ونؤكد في هذا السياق على ما يلي:
1. أن الأغلبية هي التي صوتت على برنامجكم الانتخابي "طموحي للوطن"، وهي اليوم مطالبة بدعمكم في تنفيذه، خصوصا في جانبه المتعلق بمحاربة الفساد، فلا إصلاح ولا تنمية دون محاربة جدية للفساد.
2 . إن نجاحكم في تنفيذ هذا البرنامج هو نجاح لنا جميعا في الأغلبية الداعمة لكم، والإخفاق فيه ـ لا قدر الله ـ هو إخفاق لنا جميعا، علينا أن نتحمل مسؤوليته.
3. إن الفساد لا يُمارس من قبل المعارضة التي لا تتولى تسيير شؤون البلاد، بل من بعض الأطراف داخل الأغلبية، بحكم مسؤوليتها عن التسيير. ومن هنا، فإن مسؤولية المطالبة بمحاربته، ودعم جهودكم في هذا الاتجاه، تقع أولا على الأغلبية الصادقة والمخلصة في دعمها لكم.
4. نثمن نشر تقارير محكمة الحسابات في عهدكم، ونعتبرها خطوة إيجابية في مسار الشفافية، لكننا نؤكد أن هذه الخطوة قد تتحول إلى عامل سلبي إذا لم تُتبع بإجراءات عقابية ورادعة بحق المتورطين، فعدم اتخاذ تلك الإجراءات سيزيد من جرأة المفسدين على نهب المال العام، وسيضعف من ثقة المواطن في الهيئات الرقابية.
5. من المعروف أن تقارير محكمة الحسابات لا تشمل جميع القطاعات، ولا تصدر بشكل سنوي، مما يعني أنها تكشف فقط عن جزء يسير من حجم الفساد. وهو ما يستدعي التعامل معها بجدية وحزم، ليكون ذلك رادعا لمن تسوّل له نفسه التعدي على المال العام.
6. إن أمن البلد واستقراره أصبح مرهونا بمحاربة الفساد بشكل جدي، فالمفسد اليوم لا ينهب المال العام فقط، رغم خطورة ذلك، وإنما يُهدد أيضا وحدة المجتمع وتماسكه، ويغذي مشاعر الغضب واليأس لدى الفقراء والمهمشين، الذين يعجزون عن توفير حاجياتهم الأساسية، في وقت يشاهدون فيه مظاهر البذخ الفاحش والتبذير التي يقف وراءها في الغالب مفسدون، يشاهدونها، وهي تُعرض علنا - ودون حياء - على منصات التواصل الاجتماعي.
فخامة الرئيس،إننا نضع هذه الرسالة بين أيديكم، تعبيرا عن دعمنا الصادق، واستعدادنا الكامل للوقوف إلى جانبكم في هذه الحرب المصيرية ضد الفساد، وأنتم هم من وصفها في خطاب التنصيب بالحرب المصيرية، ونحن عندما نصف حربا ما في أي بلد من البلدان بأنها حرب مصيرية، فذلك يعني أن مصير ذلك البلد سيكون مرتبطا بنتائج تلك الحرب.وفقكم الله لما فيه خير البلاد والعباد.
نواكشوط: 10 أكتوبر 2025
اللجنة التأسيسية لمنتدى 24-29 للرقابة الشعبية على الأداء الحكومي.