ابرهيم موعد: العمر محدد.. سلفاً

ثلاثاء, 2025-12-16 23:49

ابرهيم موعد

على أية حال ، ما أزال حيّاً أُرزق ، وأن لي بيتاً وزوجة وأولاداً .

وإن كنت لا أعتني بملبسي كثيراً ، ولا أغرق جسمي بالعطر ، فأني ذوّاقة للطعام .

وأحبّ الأوقات لديّ ، إغماض عينيّ لكسر النعاس  ، حيث أرى غمامة برتقالية ، سرعان ما تنقلب الى غمامة سوداء ، ربما لنفاد ما تبقّى في عينيّ من ضوء .

ثم أرى باخرة تكاد مقدمتها تشق رصيف الميناء ، لأرى تالياً ، شجرة نخيل تنوء بأقراط التمر الحمراء  .

أطمئن كثيراً حين يفسّرون لي الأمر  بأني أحب فصل الشتاء ، وأعشق السفر ، وأكل التمر كل صباح .

إلّا أني أتنّبه لصراخ زوجتي على الأولاد الذين لا يكلّون عن إحداث الصخب في أرجاء البيت . فأتبرّم وأقصد المقهى .

هنالك ، أطلب قهوة ،واتناول مع الأصدقاء الأوضاع كشح المياه، وانقطاع الكهرباء ، ونكد الزوجات رغم أنه لا تستقيم الحياة من دونهن ، من غير أن نلعب الورق أو دق زهر .

وعندما أعود الى البيت ، تكون زوجتي وأولادي غارقين في متعة النوم .

وبلا مبرر ، لا أصعد الى غرفتي ، فأتكوّر في الكنبة ، ويدهمني النوم .أرى رجلاً أظنّه نفسي رغم أنه لا يشبهني على الإطلاق . أجده يكّد بالحفر في الرمال .

أسأله : لماذا ؟

يجيب : هو قبرك يا صديقي .

لكني لم أمت بعد .

اقتربت الساعة …لكن لم ينشق القمر !لا ترتعد .

دنا الأجل .

إذا كان الأمر كذلك ، أرجو أن توسّع القبر .

على الرحب والسعة .

كما أرجو أن تفرشه بسعف النخيل .

طلب مُجاب .

كما أرجو أن ترشّه بالماء كل صباح .

همهم الرجل موافقاً .

نزلت طوعاً الى القبر ، بعدما وعد الرجل بتنفيذ توصياتي بحذافيرها .

إلّا أني طلبت منه أن لا يغمر وجهي بالرمل .

فإنتفض قائلاً :  تلك إذن ، ميتة ناقصة .

لم يلبث أن أهال عليّ كامل الرمال ، وانصرف .

كنت على وشك الإختناق ، لولا أن يدي أعانتني على الخروج .

فسّروا لي الأمر ، فقالوا : عمر جديد ، كُتب لك .قلت بحسرة : مهما يكن ، العمر محدد ، سلفاً .