الجزائر تصادق على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي: الأبعاد والمآلات

جمعة, 2025-12-26 22:22

د. حرز الله محمد لخضر

صادق البرلمان الجزائري اليوم بالإجماع -لأول مرة منذ الاستقلال-على قانون تجريم الاستعمار الفرنسي، في خطوة تاريخية ستؤرخ لمرحلة جديدة مع محتل الأمس، من شأنها أن تعيد ترتيب التوازنات السياسية، وضبط العلاقة مع فرنسا على أساس من الندية والحسبة التاريخية والتقدير والاعتزاز بالذات.

إن هذا القانون يشكل خطوة أولية هامة ضمن مسارٍ طويل لإعادة الاعتبار لسيادة الأمة على إرثها التاريخي، وحقها في ملاحقة العدو على جرائمه خلال حرب التحرير، وجميع الحقبة الاستيطانية التي استمرت 132 سنة من الاستنزاف وقتل الإنسان والعمران واللسان والوجدان، لا بل وأكثر من ذلك، فجرائم فرنسا لم تتوقف عند الخامس من جويلية 1962، بل تواصلت حتى بعد طردها من هذه الأرض المباركة، متمثلة في مخلفات التجارب النووية وضحاياها من المعوقين والمشوهين خَلقيا، والأراضي السامة والملوثة بالإشعاعات النووية التي خلّفتها، إضافة إلى جرائم القنابل المزروعة على طول الحدود الشرقية والغربية الجزائرية فيما عُرف ب (خط شال وموريس) والتي تركتها فرنسا وراءها ولم تتعاون مع السلطات الجزائري لتفكيكها أو حتى الكشف عن خرائطها، وقد تسببت في المئات من الضحايا ما بين قتلى ومعوقين.

ولا تزال جرائم فرنسا تطال حتى عظام الموتى، فهي تحتجز إلى يومنا هذا رفاة العشرات من الشهداء والجماجم الذين سرقتهم واحتجزتهم في ما يسمى “بمتحف الإنسان”، بل وإن جرائم فرنسا طالت حتى أجيال الاستقلال الذين لا يزالون يحملون الألقاب المشينة التي أطلقتها على آبائهم وأجدادهم لتفريق الأسر وتمزيق القبائل والعشائر.

وبناء عليه، تصبح المدة الكاملة للإجرام الفرنسي على هذه البلاد سواء بالفعل أو بالأثر، 195 سنة كاملة أي زهاء قرنين من الزمن، تشمل 132 سنة من الاستدمار، إضافة إلى 63 سنة من الاستقلال إلى يومنا هذا.